موقع البنية

لمحة موجزة عن اشير التاريخية
أشير هذه البقايا الأثرية، الشاهد الوحيد على حضارة كانت قائمة ذات يوم بهذا المكان الذي يدعى حاضرا الكاف لخضر بولاية المدية، وعلى مدينة عامرة ومزدهرة أسسها حسب ما أجمع عليه المؤرخون سنة 935/936م ،القائد الصنهاجي زيري بن مناد مؤسس الدولة الزيرية، والتي تعتبر أول عاصمة للزيرين قبل أن ينتقل ملكهم إلى إفريقيا(تونس حاليا) ويتجزأ ليرحل بهم إلى المعاضيد بالمسيلة وبعدها إلى بجاية الناصرية، بنائها كان نظير جميل قدمه الفارس المقدام الذي بفضله كتب للدولـة الفاطمية أن تبقى بعد أن كاد أبـا يزيد الخارجي أن يقضي عليها و هي لا تزال في مهدها و أن يدمر أهم قلعة من قلاعها و أن يضيق الخناق عليها ألا وهي المهدية، فأمر الخليفة الفاطمي أنذاك من زيري بن مناد أن يختط لنفسه و ذويه مدينة فاختار و هو المعروف بحذاقته و قوة فطنته مكانا لا يزال المختصون و الباحثون يدرسون و يتدارسون قوة نجاعته ، كيف لا و هو اختيار كان مدروسا و مبنيا على مفاهيم و أسس كان قد أسهب في الحديث عنها علماء مسلمون كثر، كابن حزم في كتابه السياسة و الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية و كذا ابن الربيع في كتابه سلوك المالك في تدبير الممالك الذي ألفه للخليفة المعتصم بالله العباسي، فالمكان محصن طبيعيا من الشمال بجبال كانت بالأمس القريب تسمى جبال التيطري، و اليوم يطلق عليها جبال الكاف لخضر، و من الجهات الأخرى خاصة الشرقية و الغربية بخنادق طبيعية يناهز عمقها الأربعين مترا، أرضها خصبة و مياهها كثيرة و لا خير دليل على ذلك الأماكن العدة المسماة بأسماء عيون فنجد بها عين الياشير و عين مسعود و عين الكرمة و عين البنية ... ، بالإضافة إلى عنصر آخر هام و هو تواجد هذه المدينة على طريق تجاري كان يعتبر من أهم الطرق أنذاك وكان يعرف باسم طريق القوافل، ومساره يجتاز و يعبر على أهم العواصم في ذلك الحين كما وصفه البكري الأندلسي كسجلماسة تيهرت أشير المسيلة و القيروان إلى غاية القاهرة بالإضافة إلى طرق أخرى داخلية تربطها بكل من المدية مليانة و الجزائر، أما إذا أخذنا بقول ابن خلدون أن مواطن صنهاجة نجدها في المدية، مليانة، الجزائر، البويرة و المسيلة، فأشير إذا تتوسطها وكأن زيري بن مناد أراد أن تكون مدينته مؤمنة و محصنة بأهلها، وزادها أمنا ابنه بولوغين عندما أعاد بناء كل من المدية مليانة و جزائر بني مزغنة ، فحافظ بذلك على حدودها.
هذه المدينة عرفت تطورا كبيرا خاصة في فترات حكم زيري بن مناد و ابنه بولوغين و كذلك المنصور، أي ما بين 936 الى غاية 996 م، عمرانها تطور و بنائها كثر و انتشر، فحول هذا الموضوع تكلم ابن الأثير و قال أن زيري بن مناد هو من وضع الأساسات و أن ابنه بولوغين هو من وسع عمرانه ، أما البكري فقال أن قواعد المدينة بناها زيري بن مناد أما تحصينها فكان من طرف ابنه بولوغين ، و لخص ابن خلدون مراحل تطورها فقال أنها كانت على ثلاثة مراحل :
1- وضع القواعد و الأساسات.
2- التحصين.
3- بناء القصور و الحمامات و المساكن.
اليوم أطلال هذه المدينة الشهيرة كما صنفها الباحث الجزائري رشيد بورويبة في كتابه 'المدن المندثرة، والشاهد الوحيد عن أول عاصمة للدولة الزيرية، لمؤسسها القائد الامازيغي الصنهاجي زيري بن مناد سنة 936م، تتواجد ببلدية الكاف لخضر الواقعة على بعد 120 كلم جنوب شرق عاصمة الولاية، غير بعيدة عن الموقع الأثري لرابيدوم ببلدية جواب، هو موقع اثري مصنف وطني، يجمع ما بين جمال الطبيعة، لتموقعه بالسفح الجنوبي لجبل الكاف لخضر(جبال التيطري) وتضاريسه الجميلة وغاباته الغناء و التي تغطي خاصة الجهة الشمالية منه، بالإضافة إلى قيمته التاريخية والأثرية، موزعة على أربع مناطق (1- منزه بنت السلطان، 2- قصر زيري او الزيريين، 3- أشير الغربية، 4- البنية)
البطاقة الفنية للجزء الرابع وهي البنية او اشير بولوغين.
منطقة أثرية تتواجد اليوم بالمركز الحضري لبلدية الكاف لخضر، و هي التي كان يطلق عليها تلمسان نسبة للأوائل الذين سكنوها ، فبولوغين  بن زيري بن مناد هو من استقدمهم وأمر سنة 974 م أن تختط مدينة لهم والتي أرادها أن تكون غير بعيدة عن مدينة أبيه، فأحاطها بسور وجهزها بكل ما يجب أن تحتويه المدينة الإسلامية، أشهر وصف حولها يعود للنقيب رودي الذي زار المنطقة سنة 1908 وجورج مارسيي.