المدينة القديمة بقسنطينة


المدينة القديمة أو السويقة؛ هي قلب قسنطينة النابض بالحياة والذاكرة التي لا تموت، تمتاز بدروبها الضيقة وخصوصية بناياتها التي تطغى عليها العمارة الإسلامية كغيرها من المدن والعواصم الإسلامية العتيقة.
عرفت قسنطينة انتشارا واسعا للأسواق فكل سوق خص بتجارة أو حرفة معنية، ومازالت أسواق المدينة تحتفظ بهذه التسميات إلى يومنا هذا مثل سوق الجزارين، الحدادين وسوق الغزل... هذا إلى جانب المساحات التي تحيط بها المنازل والتي تسمى"الرحبة" وتختص بتجارة معينة مثل: رحبة الصوف، ورحبة الجمال وغيرها.
انتظمت المدينة القديمة لقسنطينة حول أربعة مناطق كبيرة بحدود غير واضحة المعالم؛ القصبة في الشمال الشرقي، طابية في الشمال الغربي، باب الجابية في الجنوب والقنطرة في الجنوب الشرقي والملاحظ أن باب الجابية هو الوحيد الذي تتضح معالمه من بين هذه المجموعات، يهدف المخطط الدائم لحماية واستصلاح القطاع المحفوظ للمدينة القديمة إلى إبراز معالم المدينة القديمة ليس فقط من خلال منشأتها المعمارية المتميزة كالمسجد الكبير، قصر الباي، المدارس والمساكن القديمة بل من خلال نسيجها العمراني وأيضا الوسط التاريخي الذي كان شاهدا على مرور حضارات عديدة ما استدعى التكفل بهذا الإرث الحضاري من خلال فرض آلية حماية إدارية على هذه المجموعة الحضرية ذات الطابع المميز.
طبقا لأحكام المادة 02: من الفصل الأول من المرسوم التنفيذي رقم: 03-324 مؤرخ في: 09 شعبان عام 1424 الموافق لـ 05 أكتوبر سنة 2003 يتضمن كيفية إعداد المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاعات المحفوظة،]...[ينص المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ على إجراءات خاصة للحماية لا سيما المتعلقة بالممتلكات الثقافية العقارية المسجلة في قائمة الجرد الإضافي، أو في انتظار التصنيف أو المصنفة والموجودة داخل القطاع المحفوظ.
حيث تم في هذا الإطار استحداث المدينة القديمة كقطاع محفوظ بقرار صادر في الجريدة الرسمية عدد   39رقم:  208-05 مؤرخ في: 26 ربيع الثاني 1426هـ الموافق لـ 04 جوان 2005.
وقد مر إعداد المخطط الدائم لحماية واستصلاح القطاع المحفوظ للمدينة القديمة بقسنطينة بمراحل مختلفة وذلك لاعتبارات عديدة أهمها: تواجد القطاع المحفوظ المراد حمايته واستصلاحه بوسط المدينة، بالإضافة إلى كونها تجربة لم تكن خاضعة لتجارب سابقة وهذا ما استوجب التطرق إلى العديد من الجوانب التي قد لا توجد في القطاعات المحفوظة الأخرى، ويضاف إلى هذا أيضا الجانبين التاريخي والأثري،حيث يتميز القطاع المحفوظ لمدينة قسنطينة بزخم وتنوع حضاري كبير بالإضافة إلى أساليب هندسية خاصة وطرق مواصلات ومساحات لركن السيارات وغيرها من الاعتبارات الاجتماعية التي تميز المدينة القديمة.
1. انطلاق الدراسة مع تحديد محتوى كل مرحلة:
بعد المصادقة على دفتر الشروط والذي استغرق شهورا داخل لجنة الصفقات العمومية على مستوى الولاية وتحرير أمر البدء بالأشغال، استندت مديرية الثقافة أثناء أشغال الترميم على القوانين التي تنظم سير التدخلات في القطاع المحفوظ للمدينة القديمة باعتبارها عينة ميدانية وتجربة واقعية كونها تشمل (04) أربعة مجموعات معمارية متواجدة في نطاق الحماية تتميز كل وحدة منها بطابع معماري خاص.
ومست الدراسة كامل القطاع المحفوظ والذي تقدر مساحته بـ (85) خمسة وثمانون هكتار والذي يضم (1140)ألف ومئة وأربعون منزلا منها (575) خمس مئة وخمسة وسبعون منزلا تستوجب التدخل العاجل.
وتندرج بداية أشغال الترميم في إطار المشروع النموذجي PROJET PILOTE حيث شملت العملية (15) خمسة عشرة منزلا من أصل (65) خمسة وستون منزلا تمت برمجة أشغال ترميم وإعادة تهيئة عليها، منها (10) عشرة منازل أسندت عملية ترميمها إلى مديرية الثقافة بينما تكفلت مديرية التعمير والبناء بـ (05) خمسة منازل المتبقية.
2.  مراحل الإنجاز:
المرحلة الأولى:
شملت تشخيص لحالة المنازل المراد ترميمها واتخاذ تدابير استعجاليه عند الضرورة، وذلك وفقا لإرادة المقررين التدخل السريع وذلك بعد أن تم عرض نتائج التشخيصات الأولية ودراسة الحالة.
• العرض الأول:تم بتاريخ: 03 ماي 2009 والذي تم فيه عرض نتائج العمل الميداني للسيد الوالي وأعضاء المجلس التنفيذي لولاية قسنطينة.
• العرض الثاني: تم بتاريخ: 15 ماي 2009 في إطار الأيام الدراسية حول القطاعات المحفوظة والتي نضمت بالجزائر العاصمة من طرف وزارة الثقافة.
حيث إنّه بعد هذين العرضين أصبحت كل الإجراءات الاستعجالية المحددة من قبل مكتب الدراسات يتم إرسالها وتحيينها إلى السيد الوالي و السيدة وزيرة الثقافة.
• العرض الثالث: تم في إطار يوم دراسي نظم حول الإعادة تهيئة مدينة قسنطينة بحضور أخصائيين دوليين من مؤسسة RehabiMed.
بالإضافة إلى هذه العروض فقد تم تنظيم العديد من الخرجات الميدانية والاجتماعات التشاورية مع مختلف الهيئات المستشارة والإدارات العمومية والجمعيات المحلية.

المرحلة الثانية:
في هذه المرحلة تم إعداد تحليل تاريخي وتيبولوجي بالإضافة إلى إنجاز مشروع تمهيدي للمخطط الدائم لاستصلاح القطاع المحفوظ من طرف فريق عمل يضم (مكتب الدراسات، رئيس المشروع، مختص في الآثار، مختص في التاريخ،مختص في علم الاجتماع ومختصين في العمران، ونظرا لأهمية القطاع المحفوظ فقد قام مكتب الدراسات تحت إشراف مديرية الثقافة بتنظيم ورشات عمل مع مختلف الفاعلين في المجال بهدف تحديد أهداف وتصورات الهيئات المعنية وأخذها بعين الاعتبار في المشروع التمهيدي للمخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ لا سيما مديريات التجارة، السياحة، الشؤون الدينية، الري، التربية، مصالح البلدية والمصالح التقنية للولاية المكلفة بإعداد المخطط بالإضافة إلى خلية تهيئة المدينة القديمة كما تم في الإطار نفسه تنظيم اجتماع استثنائي مع اللجنة المكلفة بتهيئة واستحداث فضاءات تجارية في ولاية قسنطينة في أفريل من سنة 2010 خلص هذا الاجتماع إلى أهمية القطاع التجاري داخل النسيج العمراني للمدينة القديمة وضرورة إدماجه في الإطار  السياحي والتراثي العام.
المرحلة الثالثة:
تم تحرير الصيغة النهائية للمخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ، وتم تعيين محافظ محقق وفقا لما تنص عليه المادة 10 من المرسوم التنفيذي رقم: 03-324، وفتح الاستقصاء العمومي بالمجلس الشعبي البلدي لمدة 60 يوما ونشر محتوى المخطط، بعد انقضاء المدة لم يتم تسجيل أي ملاحظة مدونة في السجل المخصص للملاحظات ليتم بعدها عرض المرحلة الثالثة من الدراسة ومشروع القانون في إطار الأيام الدراسية حول القطاعات المحفوظة المنظمة من طرف وزارة الثقافة بغرداية يومي: 04/05 ماي 2011، ليتم بعدها عرض مشروع الدراسة على السيدة وزيرة الثقافة بتاريخ: 10 ديسمبر 2011.
ولضمان تنفيذ توجيهات ومحتويات المخطط تم استحداث الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة و تحديد تنظيمها طبقا لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 11-02 مؤرخ في: 05 جانفي 2011، حيث تنص المادة 04 منه على مهمة الوكالة: "التي تتمثل في ضمان تنفيذ المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ وبهذه الصفة تكلف الوكالة بالتنسيق مع السلطات المعنية".
وفي الأخير تمت المصادقة على الدراسة من طرف المجلس الشعبي الولائي بتاريخ: 16 ديسمبر 2012.

العنوان:
المدينة القديمة قسنطينة

مواقع قريبة من: "المدينة القديمة بقسنطينة"