قصر الباي

قصر الباي هو مقر الحاكم العثماني ببايلك الشرق، أمر ببنائه الباي أحمد بن محمد الشريف أخر بايات قسنطينة سنة 1826 و انتهت الأشغال به سنة 1835،
هذا الصرح العمراني المتميز يقع بقلب المدينة القديمة بقسنطينة، في حي القصبة العتيق، يمتد على مساحة تقدر بـ5600 متر مربع، ويعود تاريخ بنائه إلى الفترة بين -1825 و1835-، ويعود الفضل في تشييده لآخر البايات العثمانيين، الذين حكموا الجزائر، ويتعلق الأمر بالباي أحمد بن محمد الشريف بن أحمد القلي، الذي حكم بايلك -منطقة- الشرق لمدة 16 سنة، وهو من والد تركي وأم جزائرية تدعى الحاجة الشريفة وهي من عائلة عريقة تسمى عائلة بن قانة تعرض القصر إلى تغيرات في الفترة الاستعمارية، 
قام ببناء هذا القصر حرفيون وبناؤون مختصون، وفق تصاميم عمرانية وهندسية متميزة، استلهمها الباي أحمد من رحلاته المختلفة وزيارته لبعض قصور الحكام والملوك، حيث يتكون من حديقة واسعة تتوسطها نافورة مائية، وفيها العديد من الأشجار المثمرة والنباتات الزهرية، وأخرى أقل منها مساحة و27 رواق تم شقّها بطريقة هندسية متميزة.
ويزيّن الأروقة أكثر من 250 عمودا من الرخام الفاخر، إلى جانب مسبح ينقسم لجزئيين.
استغرق بناء القصر 10 سنوات، ويتكون من 121 غرفة و45 بابا و60 نافذة و2300 متر مربع من الأسقف الخشبية، تم صناعتها من خشب شجر الأرز، وعليها نقوش إسلامية مختلفة، تم طلاؤها بالألوان الصفراء والحمراء والخضراء، وهي نفس الألوان التي تم اعتمادها في دهن جميع أسقف القصر وزجاج النوافذ وباحات الاستقبال.
ويوجد في منتصف القصر الجناح الإداري، أو ما يسمى بمجلس الباي، وجناح القضاء و به محكمتان إحداهما للتقاضي حسب المذهب المالكي وأخرى حسب المذهب الحنفي، وتوجد به 14 نافذة تطل على جميع أجنحة القصر، وفيه الجناح المخصص للنسوة، وتتوسطه نافورة رخامية وغرف الحمام.
وتزين جدران القصر رسومات على مساحة 2000 متر مربع، وتعتبر مرجعا تؤرّخ لحياة الحاج أحمد باي، وتعكس مختلف التجارب والرحلات التي قام بها على مدار 15 شهرا -1818/1819- وذلك قبل تعيينه على بايلك الشرق، ورافق في بعضها داي الجزائر العاصمة، وقادتهما إلى دول الشرق الأوسط، مرورا بتونس وطرابلس الليبية وميناء الإسكندرية، الذي رست به الفرقاطة التي كان على متنها الباي وداي الجزائر، وصولا إلى مساجد القاهرة وإسطنبول المعروفة بالجامع الأزرق ذي المآذن الستة -السلطان أحمد-، والحجاز ومكة المكرمة، إلى جانب المعارك التي شارك فيها الباي أحمد، ومختلف إنجازاته في مدينة قسنطينة والجزائر.
كما تحمل الرسومات صورا لـ 36 سفينة شراعية، و66 فرقاطة، و78 نوعا من الأشجار، إضافة لـ 134 شجرة نخيل، والمئات من المباني، و69 مئذنة، و55 قبة، وعدد هائل من العبارات والجمل، 23 منها فقط يمكن قراءتها، وصورا لـ 4 قصور، و7 طواحن هوائية، وأنواع مختلفة من الطيور إلى جانب عدد هائل من الأشكال الهندسية الإسلامية والشرقية، هذه الرسومات تم طمس بعض معالمها من قبل الاستعمار الفرنسي، بعد احتلاله لقسنطينة عام 1837، كما أدخل بعض التعديلات، غير أن القصر بقي محافظا على معالمه، خاصة بعد عمليات ترميمه لاحقا، التي كان لها دور كبير في الحفاظ على معالم القصر كما كانت في زمن أحمد باي.
يحتضن تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والفنية كحفلات المالوف -نوع غنائي تشتهر به مدينة قسنطينة-، والمعارض الفنية، وتلك التي تختص بالصناعات التقليدية.

حاليا المعلم أصبح متحفا وطنيا عموميا للفنون و التعابير الثقافية التقليدية بناء على مرسوم تنفيذي رقم 10-262  صادر في الجريدة رسمية رقم 64 مؤرخ في 28 أكتوبر2010، بالإضافة إلى أنه مدرج سنة 1934 في قائمة التراث الثقافي الوطني المحمي، بقرار صادر في الجريدة الرسمية رقم 07 مؤرخ في 23 جانفي 1968.

العنوان:
ساحة سي الحواس المدينة القديمة – قسنطينة